بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأعزاء يسعدني مشاركتكم في الكنابة عن الشيخ ارشيد بن مجلاد
وطبعاً لي الحق وكل الحق في ذلك ، كوني مسلم بالغ عاقل ، ودهمشي الأصل والهوى !( شيخـة القــوم )باستعراض التاريخ وصفحاته العطرة وأمجاده الخالدة نستطيع القول كقاعـدة معروفة حول مسألة "الشيخة" (( كُـل شيـخ فـارس ، وليـس كُـل فـارس شيـخ )) !بمعنى أن الشخص لا يُشيّخ إلا وهو فارس مغوار ، كأحد أهم شروط الشيخة ، أما الفارس فمهما كانت فروسيته وإقدامه إلا أنه ليس بالضرورة أن ينال صفة "الشيخ" لأسباب أخرى عديدة .. ليس المجال لذكرها الآن !وبحسب وجهة نظري الخاصة ، وأعتقد أن الكثيرين يتفقون معي فيما سأذكر الآن :فإن آخر الشيوخ المؤثرين بشخصيته الفريدة من نوعها ومكانته الكبيرة لدى أغلب ابناء القبيلة الأم إن لم يكن كلهم ذو الكاريزما المؤثرة والنظرات الحادة والشموخ الغير مصطنع .. ذلك هو الشيخ / رشيد بن محمد المجلاد .. رحمه الله رحمة واسعةوهذا ليس تقليلاً من حجم من جاؤوا من بعده سواءً من أبناءه الكرام أو بقية الشيوخ الذين ظهروا بشكل ملفت !ولكن الشيخ الفارس أخو جوزاء .. كان من المعاصرين لجيلين مختلفين ، وأثبت بما لا يدع مجالاً للشك أو التشكيك في قدرته أو مدى أهليته لتولي زمام أمور القبيلة وقيادتها والمحافظة على تاريخها وسمعتها العطرة فكان بحق نعم الشيخ ، ونعم القائد ففي السلم كان شيخاً ، وفي ساحات الوغى ساعة الحرب كان شيخاً .. كان ومازال وإن رحل ( شيخاً ) لن يجود الزمان بمثله وإن جاد !صحيح أن الشيوخ تكاثروا من بعده ، وأكثرهم نصّب نفسه بغير حق أو شيء يشفع له (شيخاً) !حتى ان بعضاً من شيوخ هذا العصر لم يعلم بشيخته إلا بعد أن زكّاه ثُلةٌ من أصحابه !وآخر شاخ على نفسه ، وذاك أصبح بين عشية وضحاها شيخاً بعد أن سقطت كل شروط الشيخة المعروفة وأصبحت في متناول الجميع !وأعتقد شخصياً أننا سنصبح كلنا يوماً في وقت السلم هذا الذي سيطول " شيوخاً " !وقد يأتي يوم تجد لكل عائلة شيخٌ ، وشيخة ..! ولا أستبعد كذلك أن يظهر لنا " بيبي شيخ " !وبالعودة إلى آخر الشيوخ وأعظمهم شيخ الدهامشة وما جاورها ( رشيد بن مجلاد ) فقد كنتُ أنظر إلى عينيهِ وأنا في حضرته في مضيفه العامر وفي غفلة منه وببراءة مني كنت أنظر إليه فأقرأ التاريخ في عينيه وأنا صغير حينها ، وأتصفح كل مجدٍ وكل بطولة كانت ومازالت في الأذهان حية لا تموت ! وكنت أتسائل وقتها وأنا أتأمل تلك الشخصية الفذة بنظراته الحادة والتفاتاته يمنة ويسرة صوب رجاله المحيطين به في إشارة منه لإعطاء كل واحد منهم قيمته التي يستحقها ، فلا كِبر في شموخه ولا غلو أو تطرف في تصرفاتهأيقنت حينها أن الشيخة لم تخطئ هدفها أو شخصها .. بل رأيتها قد بالغت في انتقائها واختيارها لشخص فاق قدره كل منصب ، وكل شيخة أو شيخ ! ذلك الشموخ الطاهر النادر .. ما سقط للموت مصاباً أو راجياً عمراً آخر ، لقد سقط للموت فجأة وكأنه أراد بذلك السقوط الذي يشبه سقوط جبل فوق سفح كان أخضر أن يكتب مع الموت آخر فصل مع التاريخ دون خضوع أو تذللا !لقد سقط أخو جوزاء .. وسقطت معه أُمّـة !سقط .. وقد سقطت عن الجميع آخر أوراق التـوت !سقط .. وأسقط الدمع من عيونٍ كان الدمع فيها عصياً !مات أخو جوزااء .. ولازالت ذكرى ذلك اليوم الذي التقيته ضمن عشرات غيري حاضرة لا تموت !لازلت أذكر يوم سلامي النادر عليه وأنا صغير .. حين هممتُ لتقبيله وهو جالس ، لكنه أبى إلا أن يقف لي بكل عظمته وشموخه وقدرهيا إلهي لقد وقف الشيخ رشيد بن مجلاد للسلام علي ؟!!فمن أنا في ذلك اليوم حتى أحظى بتلك البادرة العظيمة من عظيم ملأ التاريخ مجداً وبطولة ؟!حتى ان كثيرين غيره ـ وهم لا شيء مقارنة به ـ لم يقفوا لي.. وما كنت لأعتب أو أغضب حينها إذا لم ينهض في وجهي أحد !ذلك هو الشيخ الحقيقي أيها الإخوة الأعزاء والذي ما سعى يوماً لاستغلال مكانته وقيمته للتكسب أو التقرب وما سعى لإبراز نفسه يوماً على حساب أحد .. لكن نفسه كانت تأبى في كل مرة إلا أن تُبرزه ذلك هو الشيخ الذي يتبسّم التاريخ من تبسّمه ، وتغضب الأرض من غضبه !فأي رجلٍ كنت يا فقيدنا الكبير .. وأيّ شيخ كنت يا شيخنا العظيم مثلك وإن مات باقٍ لطهر الثرى متنفساً وعلى أكفّ الريح بذكراه تتعطرا حتى كأن الفضاء أضحى من وجهه الطاهر تشكّل قطعة بلورية .. حتى تكوّنا !ألا ليت كُل الأرضِ كانت لك يا أبا محمد ... قبـراً !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق